بقلم.دكتور.صلاح حامد. كاتب وأستاذ اكاديمى..
إتسم القرن الحالي بالثورة الصناعية الرابعة بفضل تقدم القنيات الرقمية والمحورية في الصناعات الهندسية مروراً بأنظمة إدارة المعلومات وفق تطبيقات الحوسبة السحابية في شتى مجالات الحياة وخصوصاً مترولوجيا الإحداثيات المكانية بالليزر، بما فيها انظمة الدفاع والهجوم.
على الجانب الآخر، غالباً ما تأتي النزاعات ويتبعها خلل في حفظ السلام وتدهور الإقتصاد العالمي. إن استمرار الصراع الروسي-الأوكراني أحدث ضربة قوية تلقاها الاقتصاد العالمي، حيث تسببت في تفاقم أزمة الطاقة، وتوسع أزمة الغذاء وانهيار سلاسل الإمداد، ودخول العالم في موجة جديدة من التضخم. وإن كانت البنوك العالمية والوطنية تحاول جاهده تقليل تثير ذلك على مواطنيها، إلا أن الصراع ما ذال دائراً، ومن ثم فإنه من غير المتوقع فهم حال ومستقبل الإقتصاد العالمي. وان كان يرى البعض ان تلك النزاعات ربما تكون مُدبرة مسبقاً في سرية خاصة. حيث زادت النزاعات وتعددت بؤر الصراع والمواجهات حول العالم.
عزيزي القارى، لقد أكد لنا الماضي ان الصراعات أوصلتنا الى حروب، منها نشأت الحرب العالمية الأولى والثانية، وكذلك الحروب الأقليمية المختلفة. لكن ينبغي أن ندرك أن حروب اليوم، ليست كحروب الأمس، لكونها تتسم بأنها حروب ذكية فتاكة، لأنها تستخدم تقنيات عاليه الدقة والإتقان بعد رصد وتحلل بيانات الطرف الآخر بأنظمة متقدمة بأقل لايقين. مما جعل من الحروب الحديثة لها معادلات صعبة ومتشابكة، ولكن ينبغي على قادة دول العالم ورؤساء المنظمات والاحلاف كالنيتو وغيرها تفهم هذه المعادلات للتوصل لطرق ملائمة لتفادي حدوث أي صدام، دون الثقة المفرطة في آراء بعض الوكلاء أو الأصدقاء، مهما كانو او إدعو، او أخفوا، او أعلنو.
إن المراقب للأحداث العالمية الآن، يلاحظ توالى المصائب على شعوب العالم، بلا شك، بما تصنع أيدي البشر. تارة أوبئة صحية بعد تجارب معملية كان آخرها جائحة كورونا، وما ذلنا نعيش تبعاتها، صرف النظر عن ما إن كانت متعمدة او غيرة متعدة، فهذا موضوع شائك آخر مهتم به الساسة والمتخصصون. تارة آخرى تعدد النزاعات الدائرة في دول المنطقة العربية من جانب، وعلى المستوى العالمي، النزاع الدائر الآن بين الشقيقتان روسيا وأوكرانيا، واعتقد انه سوف لا تنتهي مثل تلك المصائب… إلا بفهم متغيرات تلك المعادلات ومن ثم التدبر وإدارة الأمور بحكمة بالغة…!. لقد عبرت مؤسسات دولية وخبراء أجانب ووطنيين من تداعيات الأزمة على الاقتصاديات العالمية، حيث سيكون للصراع الجاري “تأثير جسيم” على الأسواق المالية العالمية، التي لم تتخط بعد التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا.
كلا الطرفان الروسي والاوكراني يرون أنهما على حق، وبالطبع من حقهما الدفاع عن أنفسهم وحماية امن حدود أوطانهما، ولكن يجب ان يكون وفق معايير ومعاهدات واتفاقيات دولية متوازنة موثوقة، دون السماح باي تدخل سلبي خارجي قد يكون لديه أبعاد او إستراتيجيات أو آجندات آخرى. فبعد نزاع دام ببطئ لسنوات بين الطرفان، فبدأت المواجهة الروسية الأوكرانية بشدة في أواخر مارس 2022. أول أمس تخطت تلك المواجهة يومها المائة، لتصل 102 يوم ولم تكن يوما متوازنة. ويجب ان يعلم ويدرك ذو الإهتمام ذلك، لأن الأمر في الآخر، ربما قد يعتمد على تعظيم بعض المصالح الفردية قبل المبادئ والمراسيم والإتفاقيات الدولية لأى من طرفي النزاع او حتى أي من الأطرف او الطرف الثالث. لأن الطرف الثالث او من يمثله بالوكالة غالباً يعتمد على أبعاد استراتيجياته هو لتنفيذ مصالحه الخاصة، مستخدماً كل الوسائل المتاحة سواء القوة، المال والاقتصاد، و/أوالاعلام. ومن ثم، غالباً ما يتحول الصراع غلى مواجهات شبة عسكرية وتصل في بعض الأحيان إلى مواجهات عسكرية ضارية. المواجهات العسكرية دائماً ما ينبثق منها دمار وخسائر لكلا الطرفان، بل ينتج عنه مردود سلبي على معظم دول العالم حيث يتفاقم الوضع وفي كل المجالات والإتجاهات.
اليوم السبت الرابع من يونيو 2022 وبعد استمرار رحى المواجهه على أشدها لمدة تخطت المائة يوم، ولم تتوقف بعد، حيث حُصد كثير من ارواح الابرياء دون ذنب لهم قد اقترفوه، نهايك عن ضمار الاخضر واليابس. فكلما نسمع موجه تقارب بين الطرفان، ولم نلبث إلا ان نجد انه تم تقويد تلك الجهود. إذا، الى متى ينتظر الزعيمان زيلينسيكي وبوتين؟. لذا قد أصبحت شعوب العالم تدرك وتتفق بأن: السيد زيلينسكي ربما لم يكن يمتلك هذه المرة للحكمة ليفطن حال برارامترز ومتغيرات معادلة النزاع التي تحولت لمواجهه واقعية على الأرض بين الأشقاء، او إما أنه جزء من تلك المعادلة، وسوف تثبيت الأيام القادمة حقيقة الأمر بجلاء.
بلا ادنى شك، لم تكن تعرف عامة الشعوب، ما يدور في كواليس الدول العظمي من أهداف واستراتيجيات سياسية، امنية، اقتصادية، وعسكرية. لكن من المؤكد ايضا، انه لم تكن آمال وطموحات عموم تلك شعوب العالم ان تعيش هذه المواجهة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا وجنى ثمار تبعاتها السلبية من دمار وتشرد ومجاعات في بعض دول العالم، نتيجة تفاقم أسعار الغذاء والطاقة حول العالم.
أليس ما حدث على أرض الواقع الآن من أوبئة ومصائب، لهو دليلاً قاطعاً يؤكد عدم إدراك او الفهم العادل لمعادلات النزاع والمواجهات الطاحنة المُعقدة في عصرنا الحديث في عده بؤر في مناطق العالم. فلمصلحة منَ كل ذلك؟؟؟. ومتى تنتهي هذه المواجهة الصعبة وكيف؟.
الشعوب تتمنى ان تنتهي كل بؤر الصراع حول العالم، لكي يعم السلام في كل مكان. فبكل وضوح وإختصار: اعتبر عن شغفي وشغف كافة شعوب العالم، أأملين أن نُحسن جميعاً إستخدام العِلم لتحسين حياة ورفاية الشعوب والحياة في أمان وإستقرار بإقتصاد جيد، خصوصاً الى السيد زيلينسكي (أوكرانيا) والسيد بوتين (روسيا). لا نحتاج الى زيادة نقاط صراع جديدة، بل نحتاج الى تقليص نقاط الصراع الحالية في كل مكان، بعيداً عن رغبة السيطرة المفرطة. نحتاج إستقرار في دول المنطقة العربية بداية في فلسطين، ليبيا، السودان، اليمن، العراق، سوريا ولبنان، مروراً بخفض حدة النزاع بين الكوريتان الشقيقتان، والشقيقتان الهند وباكستان، وختاماً بين الشقيقتان روسيا واوركرانيا. فلا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بتقديم مبادئ الموده والتسامح والعدل على المصالح المنفردة والأنانية المفرطة.
هل من حق الشعوب ان تتمنى السلام بوقف غطرسة استغلال القوة والمال وعدم اللعب بنار الألفاظ والدعايا الإعلامية التي كلها تؤدي الى التصعيد وتأجيج اوضاع الصراع؟. فقد ضاع الكثير من الوقت، وضاعت الكثير من المشروعات من مال أعمال، كما توقفت الأفكار الإبداعية تترقب الصراع، فلا يبقى إلا ان يحين الوقت عاجلاً ليمتلك السيد الرئيس زيلينسكي والسيد الرئيس بوتين الحِكمة لينهيا هذه المواجهة، ودعم التفاوض وفق مراجع ومعايير تاريخية رصينة للوصول لإتفاق ينهى هذا الصراع في القريب العاجل.
الجميع يأمل في ان السيد فولوديمير زيلينسكي يُقدر المسئولية ويمتلك الحِكمة… في أقرب وقت لوقف الصراع الحالي! لأرض كانت مشتركة وشعب كان واحد متعاون منذ قبل ثلاثون عاما مضت خلال عهد الإتحاد السوفيتي.
يا جاراتان، يا اشقاء “يا روسيا ويا أوكرانيا”، أين اسس العيش المشترك الذي كان بينكم، فالوقت ليس في صالح محبي السلام. نحن بحاحة الى السلام. لذا ينبغي الاستماع لصوت العقل مع الإستجابة للمشاعر المطمانه للقلب. اعتقد ان الدعم الحقيقي للطرف الثالث، ينيغي ان ينطوى على صنع سلام حقيقي مستدام بين الأشقاء، لا لتأجيع أو تسريع وتيرة المواجهه. ومن ثم فقد أتفق مع كل من ينادي بتسريع التفاوض بين الطرفان. سواء بالتوصل الى وقف الصراع في اسرع وقت ممكن أو بمعنى آخر أن الاتفاق بين روسيا واوكرانيا هو الطريق الوحيد الذي يصنع السلام، حتى يعُم السلام وينتعش الإقتصاد.
ختاماً:
1)- إن تجربة الصراع الروسي-الأوكراني كانت وما ذالت قاصية للغاية على أوكرانيا وروسيا وعدد كبير من دول العالم، نتيجه تداعيات تلك الصراع، إلا أنها ربما كانت متوقعه أمام قله من خبراء السياسة والإقتصاد الكبار.
3)- أنني على يقين أن الخطة الإستراتيجية للزراعة والصناعة في مصر قد تغيرت للأفضل. فإن إتفقنا أو لم نتفق، فالأمل يحدونا لمزيد مع توطيد التعاون الزراعي والصناعي بين كافة الدول العربية والصديقة خصوصاً بين الأشقاء دول المصب،
2)- نأمل أن تتوصل طموحات الوساطات المخلصة من قادة وزعماء دول العالم في السعي إلى محاولة تهدأة الأوضاع بجد عبر تطبيق مبادئ الإنسانية المشتركة والرحمة المهداه بين البشر المستمدة من إسم الله الأعلى (السلام)، في ضوء المعايير والإتفاقيات العالمية العادلة على الارض بإسلوب متوازن، ووفق المستجدات التي تتفق روسيا واوكرانيا عليها حفاظاً على أمنهما وإستقرارهما بأنسب الحلول بقدر المستطاع لإيقاف الفتنة، مع العودة للحياة الطبيعية من زراعة وصناعة وتجارة لإنعاش الإقتصاد الأقليمي والعالمي. كما ان هذا بلا شك سوف يقطع الطريق الملتهب لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة، مع الدعاء بان يعم السلام في الارض والبحر والجو. سلافا السلام (المجد للسلام).
بقلم: دكتور صلاح حامد رمضان علي
كاتب وأستاذ أكاديمي مصري
Prof. Dr. Salah H. R. Ali