أخبارمنوعات

سامي الحسن يكتب: عصر التسارع.. الذكاء الاصطناعي ما بعد الوباء

إن الطريق إلى نجاح الذكاء الاصطناعي محفوف بالتحديات. ومع ذلك كان عاماً جيداً جداً بالنسبة للذكاء الاصطناعي والشركات التي طورته عموماً. لدرجة أن الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت سوندر بيتشاي ذكر في بودكاست حديث سجلته بي بي سي: “إنني أرى الذكاء الاصطناعي تقنية تمكين عميقة للغاية. وأكثر عمقاً من أي ابتكارات ثورية سبقتها”.

وتجلى هذا التأثير مع ظهور الذكاء الاصطناعي في المزيد من الصناعات، بدءاً من تصميم أشباه الموصلات إلى تطوير البرامج إلى الصوت والزراعة والتوزيع وتأليف الموسيقى وحتى النحت الكلاسيكي. حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على زيادة سرعة إنجاز الأنشطة البشرية ففي علم الأحياء يستغرق تحديد بنية بروتين واحد فقط سنوات من العمل المخبري، لكن تقنية الذكاء الاصطناعي الجديدة التي أصدرتها جامعة واشنطن يمكن أن تقلل هذا الوقت إلى أقل من 10 دقائق.

والمنحوتة الشهيرة “إحياء النفس من قبلة كيوبيد” تطلب إنجازها من النحات الأصلي كانوفا من القرن الـ18 ما يقرب من 5 سنوات، على حين تمكن الروبوت ABB2، من شركة أي بي بي روبوتكس من إنجاز نسخة مطابقة لها في غضون 11 يوماً.

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة ناتشر، وصفت غوغل كيف طورت شبكة عصبية عميقة للتعلم المعزز تعمل على تصميم رقائق الكمبيوتر بشكل أسرع من البشر. فالعملية التي تستغرق شهوراً من قبل المهندسين استغرقت أقل من ست ساعات مع برنامج ذكاء اصطناعي جديد. وذكرت صحيفة سي إن بي سي إن غوغل تستخدم الذكاء الاصطناعي لتصميم شرائح يمكن استخدامها لإنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تعقيداً مما يعزز سرعة الأداء الهائلة لهذا الابتكار.

على الجانب الآخر من الحوسبة، تخضع البرامج الخاصة بتشغيل التطبيقات أيضاً لثورة مماثلة. حيث أثبت نموذج المحوّل GPT الذي طورته أوبن إي آي OpenAI قدرته على تأليف نصوص نثرية. وذكرت صحيفة الإيكونوميست أيضاً أنه يمكن لأدوات تطوير البرامج الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي أن تقترح تعليمات برمجية حساسة للسياق في السطر مثلما يقترح جيميل وأوت لوك الآن كيفية إكمال جملة في رسالة بريد إلكتروني، أو كما يفعل وورد لمعالجة النصوص. ولا يؤدي هذا التقدم إلى تقليل الوقت اللازم لتطوير البرامج فحسب، بل يقلل أيضاً الحاجة إلى “الحمل المعرفي”، نظراً لأن الاختيار من بين الخيارات المعروضة أسهل من تطوير التعليمات البرمجية الأصلية.

ومن أدوات الجيل الجديد لتطوير البرامج أداة كوبيلوت Copilot، وهي أداة برمجة تعمل بالذكاء الاصطناعي صممت بالاشتراك بين أوبن أي آي وغيت هب بهدف تعزيز قدرات المبرمجين البشريين. وثمة مخاوف من أن هذه الأداة (وأدوات مماثلة) سوف تتطور لتحل محل المهندسين والمبرمجين وإن كان الحديث عن ذلك مبكراً.

حتى الآن، لم يكن للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على التوظيف. ولكن إذا كان فوهرا وبرينجولفسون على صواب، فقد بدأ هذا يتغير. وتؤكد دراسة أجرتها شركة برايس ووترهاوس كوبرز للخدمات PwC أن هناك 3 دورات متداخلة من الأتمتة التي ستمتد حتى عام 2030، ولكل منها درجة تأثير وظيفي. وفقاً لتقرير PwC، فإن حوالي 3% فقط من الوظائف معرضة لخطر كبير للأتمتة من موجة الخوارزمية في أوائل عام 2020، ولكن هذا يرتفع إلى ما يقرب من 20% بحلول أواخر عام 2020 مع موجة التعزيز، وحوالي 30% بحلول منتصف عام العقد الثالث من هذا القرن.

من المفهوم أنه من المقلق أن الأتمتة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ستقضي على الوظائف. ومع ذلك، من غير المرجح أن تنجح الميول لمقاومة التقدم التكنولوجي خاصة وأن الضغوط التنافسية ستؤدي بلا هوادة إلى مزيد من الأتمتة، ومن المحتمل أن تتغير المواقف تجاه الذكاء الاصطناعي على النحو الذي اقترحه استطلاع حديث أظهر أن 68% من العاملين في المكاتب يريدون فعلاً المزيد من الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في عملهم اليومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى