من المتوقع أن يعلن البنك المركزي المصري قريبا عن الشروط النهائية لمبادرة جديدة للتمويل العقاري لفئات محدودي ومتوسطي الدخل في مصر، والتي توفر قروض بفائدة 3% متناقصة، بمعنى أنها تحتسب بناء على القيمة المتبقية من القرض بعد تسديد كل قسط وليس على القيمة الكلية التي تم اقتراضها.
وتصل مدة القروض التي ستتيحها المبادرة إلى 30 عام.
وكان جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي قال في تصريحات سابقة إنه تم تخصيص 100 مليار جنيه (حوالي 6.4 مليار دولار أمريكي) للمبادرة قابلة للزيادة في حالة زيادة الإقبال.
ومن المنتظر أن يتم طرح كراسة شروط المبادرة عقب الإعلان عنها أمام المواطنين للتقديم على قروض من خلالها.
وقالت نعمة الله شكري، رئيسة قسم البحوث في اتش سى للأوراق المالية والاستثمار، وهو أحد بنوك الاستثمار في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، عن المبادرة وأهم التعديلات المطلوبة لتساهم في مزيد من التعافي للسوق العقاري المصري.
وأشادت المحللة بسعر الفائدة المطروح نظرا لانخفاضه الشديد، إلا أنها أكدت في الوقت ذاته أن المبادرة في حاجة إلى تعديلات جوهرية مع مراجعة التشريعات فيما يخص التمويل العقاري لتكون أكثر تأثيرا على السوق ويستفيد منها أكبر عدد ممكن من المواطنين.
ويعد القطاع العقاري أحد أهم أعمدة الاقتصاد المصري، حيث ساهم بنسبة 15.2% في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2020/2019 الذي انتهى يوليو الماضي، وترتبط به أكثر من 100 صناعة وحرفة.
الحد الأقصى لقيمة الوحدات
أكدت شكري على أهمية زيادة الحد الأقصى لثمن الوحدات المسموح بشرائها من خلال المبادرة وذلك حتى يتثنى لأكبر عدد من المطورين العقاريين الدخول بها وبالتالي إنعاش السوق بمعروض أكبر من الوحدات، مضيفة أن الحد الأقصى الحالي للمبادرة بعيدا عن متوسط أسعار السوق.
وتنص شروط الطبقة المتوسطة ألا تزيد قيمة الوحدة عن 1.1 مليون جنيه مصري (حوالي 70.2 ألف دولار أمريكي) للأعزب و1.4 مليون جنيه (89.3 ألف دولار أمريكي) للأسرة، وهي أعلى أسعار تسمح بها المبادرة.
وقالت “غالبية الشركات العقارية المدرجة بالبورصة لا تبيع شقق بمليون جنيه، فهذا السعر أصبح غير موجود”، مضيفة أن الأسعار المقدمة من تلك الشركات لا تقل عن حدود 1.7-2 مليون جنيه مصري (حوالي 108.4-127.5 ألف دولار أمريكي) في الوقت الحالي.
وأضافت شكري أن مع تعديل الشريحة السعرية يجب أيضا أن يؤخذ في الاعتبار تعريف الطبقة المتوسطة في المبادرة، وذلك لأن أي زيادة في الحد الأقصى ستكون بلا فائدة في حالة أن القوة الشرائية للطبقة المتوسطة وفقا لتعريف المبادرة لا تستطيع استيعابها.
وتعرف المبادرة صافي الدخل الشهري للطبقة المتوسطة بأنه لا يتجاوز 10 آلاف جنيه (637.8 دولار أمريكي) للأعزب و14 ألف جنيه (حوالي 893 دولار أمريكي) للأسرة شاملة الأولاد والقصر.
وحدات تحت الانشاء
وتعتقد شكري أن المبادرة يجب أيضا أن تشمل وحدات تحت الإنشاء وليس فقط وحدات كاملة التشطيب كما تنص الشروط المبدئية، وذلك أيضا لإدخال أكبر عدد من المطورين في المبادرة.
وقالت إن غالبية المطورين يتبعون نموذج البيع على الورق، أي قبل بناء الوحدات، مستبعدة تماما أن يتجه أي من المطورين لبيع الوحدات الجاهزة للاستفادة من المبادرة.
واشارت “السيولة محدودة بالنسبة للمطورين في القطاع العقاري، مما دفعهم للجوء إلي التوريق والتخصيم” بالإضافة إلى المزيد من القروض البنكية منذ العام الماضي الذي شهد بداية الجائحة وآثارها الاقتصادية السلبية.
وأضافت “من المستحيل أن يتمكن مطور عقاري أن يبني مشاريع جديدة بدون تمويل من المشترين، وهو نموذج يسمى off-plan في البيع العقاري”، ومن خلاله يعرض المطورون وحداتهم للبيع قبل بنائها بأسعار أقل من الوحدات المماثلة الجاهزة.
وقالت “هناك شركات قليلة جدا في القطاع وأغلبيتها حكومية هي التي تتبع نموذج بيع الشقق الجاهزة”.
السوق العقاري المصري
وقالت شكري إن السوق العقاري بدأ التعافي من آثار الجائحة منذ يوليو 2020 وذلك لعدة أسباب:
-اتجاه المطورين الي مد فترات السداد حتى 12 عام، وهو ما سهل على المشترين سداد الأقساط.
-انخفاض سعر الفائدة ساهم أيضا في دفع حركة الشراء لأنه أدى إلى فائدة أقل للأقساط، وهو نفس التحسن الذي شهده سوق السيارات لأنه أيضا قائم على التقسيط. وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي قد ثبتت أسعار الفائدة للمرة الرابعة على التوالي خلال اجتماعها الأخير في 28 من أبريل الماضي، مع توقعات الغالبية من المحللين أن تبقى أسعار الفائدة بدون تغيير في الاجتماع القادم يوم الخميس 17 يونيو.
-ارتفاع التضخم نسبيا أيضا سيساهم في إنعاش السوق العقاري. وقالت شكري “معدل التضخم ما زال منخفض لكنه حين يسجل ارتفاع يفكر الكثيرون في استثمار أموالهم حتى لا تفقد قيمتها، ودائما ما تكون العقارات من أبرز الاختيارات”. وارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 4.8% في مايو مقابل 4.1% في أبريل.
-حملة التطعيمات الحالية والتي تسارعت في الآونة الأخيرة تساهم أيضا في عودة الحياة إلى طبيعتها بما في ذلك حركة الشراء.
-زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 8.5% خلال الفترة من يوليو إلى مارس هي أيضا أحد العوامل، حيث تقول شكري أن جزء من التحويلات غالبا ما يتم استثماره في العقارات.
وقالت شكري “ترجع زيادة التحويلات إلي أسباب جيدة وهي التحويلات التقليدية، وغير جيدة مثل أن يخسر أحد العاملين بالخارج عمله سواء بسبب الكورونا أو أي سبب آخر”، مضيفة أن الحالة الأخيرة في الغالب ما تؤدي إلى عودة الشخص إلى مصر واستقراره بها، ثم شراء وحدات عقارية كنوع من الاستثمار.